في الآونة الأخيرة تعرضت لمواقف غريبة جدا واجهت فيها أسئلة مباشرة وغير مباشرة، ومهمة جداً تتعلق بأساسيات الأيمان وأصول الدين الذي أنتسب إليه ـ الدين الإسلامي ـ، من خلال تحدثي مع أناس كثيرين لا يؤمنون بالأديان ولا بوجود خالق لهذا الكون الذي نعيش فيه، ويسألون عن المعتقد من أول أو ثاني لقاء ثم يتبعونه بأسئلة غريبة لم أعتد على سماعها، ولست مستعدا للإجابة البديهية المباشرة عليها بقوة وكفاءة وفاعلية كما يتطلب الموقف.
من هذه الأسئلة هو السؤال التالي: لماذا نعبد الله؟!!.
سألت هذا السؤال بقوة لنفسي قبل عشرين سنة تقريبا ولكن الجواب كان سطحيا كما أذكر وبعد ذلك أصبح الالتزام بتعاليم الإسلام روتينيا، ثم مررت بعدها بمرحلة التفكر بالمعاني الإيمانية وأدلة الإيمان بالله ورسوله والملائكة واليوم الآخر ومعجزات القرآن، وهي أفكار تصب في صلب الموضوع وتصقل جوهره، ولكنها كانت تحدي مع النفس، وأعرضها لأصدقاء مسلمين مؤمنين يؤيدون ولا ينتقدون ولا يستفزون. أما الآن فالتحدي من نوع آخر فالمتلقي يحمل ثقافة مادية راسخة وعميقة، وينقد ويستفز، أو يهز كتفيه ويغير الموضوع أو يرحل، أو يسأل كما بينت في المقدمة ويُبهت، وذلك لقصوري وتقصيري.
حاولت أن أتجول في ثنايا أفكاري وتضاعيف خواطري وأجد جواباً مختصرا قويا مؤثرا نابع من سويداء ذاتي حتى يكون قريبا من تفكيري البديهي التلقائي ولا أحتاج إلى كثير تفكر لاستحضاره ويكون قربة لله ورجاء رحمته ومغفرته فتوصلت إلى التالي:
أذا سألني أحدهم: لماذا تعبد ربك؟،
فسأقول له: أنا أعبد الله خالقي وخالقك وخالق الناس وجميع المخلوقات والكون لأنني..
أؤمن به وبوجوده، وعندي على ذلك أدلة عقلية منطقية لا يحصرها عد، وأقوى هذه الأدلة عندي وحسب علمي هي جسمي وأعضائه وخلاياه، فأنا لم أصنعها وليس لي سلطة عليها ولا أسيرها بل هي خُلقت وانتظمت وعملت وتعمل بصورة مدهشة معجزة تهديني إلى الخالق العظيم القدير جل جلاله وتدفعني لتسبيحه وتعظيمه وعبادته.
ثم أني أعبد الله الخالق العظيم لأني..
عبدٌ مملوك لله...
فإذا رفضت نفسي وتكبرت عن هذه الحقيقة ذكرتها بثلاث:
أولا: إذا لم تقرّي وتعترفي بأني عبد لله فاختاري أرضا غير أرض الله لتعيشي فيها!!!. إصنعي كوكباً صغيرا خاصا بك لتعيشي فيه واخلقي له شمسا ليكون دافئا يلائم جسمي، وهواءا لأتنفسه وطعاما اتغذى به.. وغيرها عشرات بل مئات والاف وملايين بل أكثر من ذلك بكثير من الشروط والموافقات الملائمة لحياتي وعيشي، فإذا لم تستطيعي فعيشي في أرض الله وتنعمي واعبدي واشكري.
ثانيا: إذا واصلتي الجحود والنكران فحاولي العيش في زمن غير الزمن الذي أنت فيه، سافري عبر الزمن فعيشي إن شئت قبل مئات أو آلاف السنين، أو بعد مئات وآلاف السنين؛ فإذا اعترفت بعجزكِ فعيشي أيامكِ وسنينكِ في هذا الزمن بعبودية صادقة للملك العلام.
ثالثا: فإذا أخذكِ العناد إلى أبعد من ذلك، فادرئي عنك الموت ان استطعتي!!، وعيشي حياة خالدة لا موت فيها فتكوني بذلك مالكة لا عبدة ومملوكة. فإذا قلت كلا لا أستطيع، فاعترفي بعبوديتك لله، الأول والآخر، المعبود الحق.
بذلك ذكرت وأذكر نفسي كل حين بأني عبد لله واجب علي عبادته لأنه خلقني من العدم بأجمل وأروع وأبدع صورة وخلقة معجزة تبهر العقول وتدل على عظمته وقدرته وجماله وجلاله، وخالق الكون من حولي اتنعّم فيه وأعيش برغد، ولقد أختار لي أن أعيش في زمن محدد ووقت معين، ثم سيأتي علي يوم محتوم ينقلني فيها من وطن لآخر ومن حياة لأخرى بعد الموت وطالبني عن طريق الرسول الرحمة بعبادته والاستعداد لذلك اليوم ولتلك الحياة الأخرى والأدلة من حولي كالشمس وقت الظهيرة والسماء صافية، أفأجحد بعد ذلك؟!!!..
أكون مجنونا لو فعلت ذلك!!.
وهكذا إذا سألني سائل: لماذا تعبد الله؟
أقول له بكل جرأة وقوة وإقدام.. لأني عبد لله.
ثم اسوق له بعض الأدله العلمية العقلية على وجوده وعظمته وإلوهيته وربوبيته وأسماءه الحسنى، ثم إذا حاور وجادل أسوق له الافتراضات الجدلية النفسية المنطقية الثلاثة آنفا لأكسر بها شوكة نفسه..
ونفسي من قبله..
ونعوذ بالله من اختيار طريق الـ ... الجنون.
والله المستعان.