,,همُومنا ومَشاكلنا واقعٌ مُرٌ,, فلم لا نـُحليها ولو بكلمة تـَسـُر,, ✍ نهائي الكأس ✍

الإنـسان.. هذا الكائنُ المـُبهرُ الغـَريب، الذي يضُمُّ في دواخله وبواطنه، وكذا خوارجه، العديد من الصِّفات والكثير من الغياهب والدُّروب، المُعقدة أحيانًا، والمُنيرة أحيانًا أخرى. الإنـسان.. هذا الكائن الذي منحته القدرة الإلاهية صفاتٍ شتَى وآلاء عظيمة.. منحته القوة والضعف، الإرادة واليأس، العزم والتخاذل، الفرحة والحزن، الابتسام والكـّدَر... معجونٌ هـُو، بمختلف التناقضات والتغيرات. وصدقًا مِن دون هذا الاختلاف قد يحدث بالحياة اختلال.. مِن دُون الحزن لن يكون هنالك استطعامٌ للفـَرح، ومن دون الدمعة لن يكون هنالك طعمٌ للابتسامة، ومن دون الإحساسِ باليأسِ والقنوطِ، لن يكون هنالك طعمٌ للنشوة والحبور..

شخصيًا أرى أن الإنسان يستمدُّ العِبرة والحِكمة مِنَ الحزن واليأس والقنوط والكّدَر الكثير.. فلا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال نُكران لحظاتِ الضعفِ التي تستتبُّ بالإنسان، ولا لحظاتَ اليأس، وحتى تلك اللحظات التي يحس فيها الإنسانُ بالعَجز والخذلان سواءً من محيطه أو من المواقف المختلفة بالحياة التي تؤرقه، أو من نفسه حتى! فمن يُنكر أن المرء أحيانًا يقنط حتى من روحه التي تسبح داخل جسده، وتتموّج بعنفٍ أحيانا حتى يمقتَ اختلالها داخله ويتمنى التحرر.. ولكن أليسَ العاقل هو الذي يستشعرُ قيمة الحُزن داخله، والكَرَب الذي يلف أيامه وحياته، والألم الذي يذوق منه قلبه وترتعش منه نبضاته؟.. إن هذا الاستشعار يجعلُ العـَقل الحيَّ الواعِي يُدركُ أن الحياة لن تستمر إلا بكلا الوجهين، وأنه لا يُمكن بأي حالٍ من الأحوال أن يستمر ألمٌ أو قهرٌ طيلة الحياة.. والعكس أيضًا، لا يُمكن أن تستمرَّ البسمة والفرحة والانسجام والتناغم بين تفاصيل الحياة وبين الأفراد وبين كل ما يلمسه المرءُ ويقابلهُ ويـُعايشهُ.. 

وكما يقول الشاعر:
قـل لمن يحمل همًا *** إن هــمًا لا يدوم مثلما يفنى السُّرور *** هكذا تفنى الهموم

هي سنة الحياة.. وبكلا الدفتين يستمر الوجود.. 

أرى شخصيًا أننا عندما نذوق من الفرحة والحبور الكثير، نغفل عن عديدٍ من التفاصيل الحية بالحياة، فالمُتعة تُلهي المرء عن التدبر، وتغنيه عن بعض البشر، وعن بعض المواقف، وعن كثيرٍ من السلبيات التي لا يحب أن يقربها، ليكتفي بفرحته وحبوره لاهيًا منتشيًا عن التفاصيل المُكدِّرة.. يهرب من ملامح الحزن، ويفر من تفاصيل الأسى، ويسعدُ بتفاصيله منتشيًا.. وأرى العكس كذلك، فلو ذاق المرء من الحزن فحسب بحياته، ولم يعرف للبسمة وجهًا ظل طيلة العمر منغمسًا في آلامه، راتعًا في تجهُماته، لا يقرب باب بسمةٍ ولا يبحث عن طريقها، مُكتفيًا بالوجه الواحد الذي ليس له بديل.. 
لذا فقدرة الخالق شاءت أن يكون للحياة وجهان، أحدهما يعكس قيمة الآخر، وكلاهما يُعـَدِّلان مزاج ونفسية وعقلية وفكر ورؤى الإنسان -الذي يعي قدرة الخالق- وقيمة هذه النفس العجيبة الغريبة التي تدهشُ تغيراتها وتبدلاتها، وتستحق التدبر فعلاً.

أستغربُ جدًا مِمَّن يكتبون طيلة الوقت عن هموم الإنسان ومشاكله، ويجعلونهما هدفًا منحصرًا فيه لا غير.. ويتناسون أفراح الإنسان ومسراته.. والوجه المشرق فيها.. ومِمّن يُحمِّـلون القلم مأساة التوجعات ويخطبون في مناسبات أو من دون مناسبات عن هموم البشر، وأساهم ومشاكلهم ويُركـّزون جدًا على الجوانب التي تُغرق الإنسان في دنيا الضياع، فما الحياة أصلاً إن كانت كلها توجعات؟؟ وما هدف الوجود أصلاً إن كان كله همومٌ ومشاكلٌ.. أنا لا أنكر أن الحديث عن المشاكل والهموم وتقليب الأوجاع قد يوقظ النفس الملتهية، وقد يُشير لكثيرٍ من التفاصيل الحقيقية فعلاً.. بل إن من بعض الأحاديث والمقالات والكلمات والحروف ما يحمل من توجعات المرء الكثير.. فنحن نظل بحاجةٍ دومًا للتعبير عن ما يؤرقنا وعن ما يجعل الضعف يستتب بنا، وما يشدنا لتفاصيل الحكلة والتجهم شدًا.. وشخصيًا أميلُ للتعبير عن تفاصيل الحزن بشكلٍ قد أجعل له ملامح فلسفةٍ لربما كانت خاصةً بي، ولكنها مساحة أقدرها وأحبها جدًا ففيها أجد ملاذًا يعبّرُ عني ويفتك ملامح الحزن عندي، فأعتقل الكُروب والأحزان بحروفي وألوِّنـَها بأحاسيس عميقة، وأنسج خيوطها بمشاعر مختلفة. 




صحيحٌ أننا بحاجة للتعبير عن همومنا وما يؤرقنا، ونحتاج أن نخصص لذلك وقفاتٍ في الحياة.. ولكن أين الجانب المشرق في الحياة؟؟ أين خطوب الحياة الجميلة؟؟ أين الحياة الرحبة وتفاصيلها التي تبعث بالقلب الأمل؟؟ أين الرُّوح النقيَّة التي تبحثُ عن هواءٍ طلقٍ يُنعش تفاصيلها ويبعث بها الأمل؟؟.. 

في الجرائد مُختلف المقالات التي تكتب عن هموم البشر ومشاكلهم.. في الروايات والقصص أغلبها تجسد الجانب المظلم بالحياة وتجعل له قلعة ومملكة خاصة.. في المنتديات حتى، وهذه المواضيع المُختلفة.. عن اليأس وتفاصيله، عن القنوط وملامحه، عن الضعف والهزائم ودروبهما، عن الدمعة ورقرقاتها، عن توجعات الأيام والسنين... وناذرة جدًا تلك الحروف التي تبعث في القلب الحياة، وتنير للإنسان جوانب مهمةً حقًا وتستحق أن يقف عليها المرء.. 

كثيرًا ما نقرأ عن مشاكل الإنسان متجسدةٍ في سلسلاتٍ متنوعةٍ نغرف منها في كل مرة حملاً مُزعجًا جديدًا.. أذكر زاويةً كنتُ أطلع عليها سابقًا في إحدى جرائدنا اليومية، يسميها صاحبها هموم شاب، أو يوميات شاب.. وأذكر من تفاصيلها أنه كان يُعرِّف كل مرة مواقف يعيشها الشاب ويُعايش مرارتها وآلامها.. في البيت في الشارع في المكاتب في الإدارات.. وغيره.. ورغم واقعية المقال وصدق ما يُعايشه الشباب فعلاً إنما تسليط الضوء على الحَلَكة شيءٌ متعبٌ للنفس، ومكدرٌ للخاطر، وباعثٌ لليأس.. ولو أن هذه الزاوية عُوِّضَت بعنوان باب الأمل.. أو بين ذراعي الحُلم والأمل.. وانثنت بين جنباتها أمور مشرقة منيرة لكانت نتاجاتها أفضل من تجسيد الحلكة والهموم المعروفة والمُعاشة فالمكتوبة المقروءة يوميًا..

الأمل وتأثيره في مسيرة الحياة.. البسمة وتأثيرها في تفاصيل البشر.. الرضا بالحياة وتأثيره على المواقف المعاشة.. القوة والاصطبار وتأثيرهما على التغيرات والتبدلات التي تندفع فجأة على الحياة.. الحب والتراحم.. الود والتآلف بين البشر.. الإحترام والتفاهم والإنتباه والتعقل في التعامل مع الآخر.. أليست جوانب تستحق النظر فعلاً؟ ألا تستحق وقفاتٍ منَّا نهمسُ لبعضٍ بروعة الملامح المُشرقة.. ونـُعِين بعض على السير في دروب واضحة، ونساعد بعض على المُضي في طرق متفائلة آملة.. ونكونُ كمن رأى من الحياة الأذى والحلاكة فاستطاع ترويضهُما، وكان قائدًا للنور، مُعدِمًا للظلام؟..

الإنسان الذي يُشرق فكره ويأمل عقله ويتعامل قلبه مع الحياة بإيجابية هو الأقدر على العيش والاستمرار.. وأبدًا ما استطاع متجهمٌ سلبيٌ المُضي في الطريق السليم دون اختلال.. ونظل بحاجةٍ دومًا لتعاليم ديننا التي كلها تفاؤل، وأغلبها رحمة، وجُلـُّها حثٌ على طرق الإنسانية السليمة الواجب السير فيها، وتدعو للجوانب المشرقة بالحياة لجعلها هدفًا تُساعد مختلف تفاصيل الحياة على ولوجه وبلوغه.. يكفي أن هدفنا كلنا كأمة مسلمة بلوغ الجنة، أولسيت الجنة أبلغ جانب مشرقٍ؟ فلم لا نتخذ لهذا الهدف أساليب ووسائل مشرقة تساعدنا للعيش والتعايش بتفاؤل مع الحياة، ثم لبلوغ هدفٍ منيرٍ يكون لنا نهاية للمشوار في هذا الوجود.

لربما كانت أصواتنا لا تصل لجميع الآذان، ولكن.. فلنحاول بمجرد أن نعي أن أحدًا يقرأ حروفنا أن نُمِدهُ بالأمل فيها، ولم لا نجعل حتى لتفاصيل الهمّ جانب الأمل وهذا بتذكر الهدف الأسمى بالحياة، وأن لا غم وكدر يستحق منا إطالة الوقوف ببابه، ولنجعل حروفنا دواءً وبلسمًا، يتسلل لأنفس الغير بدفء وبرغبةٍ ممزوجةٍ بلذةٍ يُقتنـَعُ بها، ونغير وُجهة سيلٍ قد يأخذ للضياع بملامح بؤسه، فيتجه للنور ويشعل في طريقه كل المصابيح بكلمةٍ وحرفٍ وعِبارةٍ.. ولتكن أقلامنا دفعًا للتفاؤل لا العكس، وليكن حبره قطراتٍ من الإشراق لا العكس، ولتكن تعاملاتنا وأحاديثنا بلسمًا للغير لا العكس..








لكم كامل الحرية للحديث في أي فكرة، ولتناول أي سبيل بالموضوع، وعلى الرحب والسَّعة.






أخيرًا تحيةٌ طيبةٌ عميقةٌ لجميع السَّاهرين على هذه المسابقة، وهذا آخر عدد لها ونحن في هذا النهائي الذي مرت قبله خطوبٌ مُميزةٌ ومُثيرةٌ معًا، أعترف أنني استمعتُ جدًا، إذ بمجرد أن أتعامل مع المواضيع وفقًا لما هو مطلوب كان أمرًا يبعثُ على قلمي المتعة، وتتابع المراحل وترقب الفائزين وغيره.. كلها كانت مواقف تبعث على الاستمتاع، والاستفادة، فشكرًا لكل من سهر على هذه المسابقة من أول عدد لها لآخره، وشكرًا لكل من ساهم في إثرائها وإخراجها في الخفاء والعلن.. تحيتي وتقديري لجميع الحكام بأسمائهم فردًا فردًا، ولأخي فهـد النشيط الدؤوب صاحب القلب الكبير، ولكل من تقابلنا معهم في المنافسات، ولأصحاب الروح الرياضية العالية والأخلاق الرفيعة أخي مجدي وأخي ساحوري.. شكرًا لكل من شارك بالمواضيع، ولكل من تابعها عن قرب وعن بعد.. شكرًا لأهل الجاد الطيبين الذين احتضنوا أقلامنا باهتمام.. ألف شكر.

[b]

[center]

[/b][/center]

» أتلتيك بيلباو يصر على خوض نهائي الكأس في معقل ريال مدريد
» اكسب قلب المراة بكلمة (( لا ))
» جاوب بكلمة واحدة
» اكسب قلب زوجتك بكلمة لا
» عبر عن احساسك بكلمة واحدة فقط

,,همُومنا ومَشاكلنا واقعٌ مُرٌ,, فلم لا نـُحليها ولو بكلمة تـَسـُر,, ✍ نهائي الكأس ✍

,,همُومنا ومَشاكلنا واقعٌ مُرٌ,, فلم لا نـُحليها ولو بكلمة تـَسـُر,, ✍ نهائي الكأس ✍

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة