في ثواب الأدعية والأحراز
هناك الكثير من الأدعية والأحراز وردت للحصول على نتائجَ دنيوية، كشفاء مريضٍ أو إطلاق أسيرٍ أو سعةِ رزقٍ أو طولِ عمر. فهل تكون هذه الأمور من العبادات بصفتها ذكراً لله واستجارةً به أو لا تكون، باعتبار كون الهدف منها دنيوياً خالصاً؟.
يمكن أن يقال في الجواب عدة أمور:
الأمر الأول: إننا نسلم، طبقاً لما عرفناه في الفقرة السابقة، وفهمناه من الآية الكريمة، من تحديد العطاء بمقدار القصد، فإن كان القصد دنيوياً لم يُعطَ الفردُ من العطاء الأخرويِّ شيئاً، والمفروض أنَّ القصد هنا دنيويٌّ، فإن كان الدعاء مستجاباً حصل المطلوب، ولم يستحقَّ الفرد شيئاً في الآخرة.
الأمر الثاني: إنَّ النتائج الجيدة من الأدعية والأذكار غير منحصرةٍ بواحد، بل قد تتعدد جوانبها، وتكون كلها ذات فوائد للفرد.
فإن كان الثواب الأخرويُّ قد فات بحصول النتيجة الدنيوية، فليس معناه انحصار الفائدة بتلك النتيجة، وإنما يمكن للأدعية أن تكون لها نتائجُ أخرى. من حيث كونها ذكراً لله سبحانه وتوكلاً عليه وتوسلاً به، تنتج فوائدَ نفسيةً وتربويةً عديدة.
الأمر الثالث: إنه يمكن القول بأنَّ الأدعية والأحراز إنما وجدت لأجل التغيير النفسي، مقدمةً لحصول الحاجة. وذلك: لأنَّ الأسباب الطبيعية، مهما كانت مهمة، فإنَّ الفاعل الحقيقيَّ هو سبب الأسباب جلَّ جلاله. ولا يكون أيُّ شيءٍ إلا بمشيئته وإرادته، ولا تقضى الحاجات إلا بذلك،
وهذا ما تريد الأحراز والأذكار الإيحاء به والتأكيد عليه، حتى يحصل من الفرد التغيير النفسي، أعني الإنقطاع بالطمع والحاجة إلى الله عز وجل والإنصراف عن الأسباب. وإذا حصل الإنقطاع حصلت الإستجابة كما هو الموعود به والمجرَّب من قبل الداعين والمتوسلين