قُتلت مواطنة أول من أمس برصاصة ابتهاج طائشة. لا يهم سبب إطلاق النار الذي أردى أمّاً لتسعة أولاد، المهم أنها فارقت الحياة. القوى الأمنية لم توقف الفاعل بعد، بل لم تستطع أن تحسم هويته. هكذا يمكن ظاهرة رصاص الابتهاج «المتخلّفة» أن تقتل إنساناً، ولا يمكن تحديد المسؤول لمحاسبته.
ماتت سعاد أول من أمس في برج البراجنة برصاصة طائشة. هكذا، بكل بساطة، أنهت قطعة معدنية صغيرة، أطلقها غبي ما، حياة أم لتسعة أولاد لم تكمل الخمسين من عمرها. قيل إن سعاد بشير كانت واقفة على شرفة منزلها، تنثر الأرزّ على موكب عروسين أمام منزلها، فاخترقت رصاصة رأسها وأردتها قتيلة.
ولأنه في لبنان يُتاجَر بكل شيء، حتى بالموت وأوجاع الناس، خرجت وسائل إعلام لتقول إن الرصاصة أطلقها أحد المبتهجين بخطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لكن، بحسب البلاغ الرسمي الوارد إلى قوى الأمن الداخلي، فإن سعاد أُدخلت المستشفى قبل أكثر من ساعة على الخطاب المذكور. على كل حال، لا فرق بين رصاصة ابتهاج بخطاب سياسي أو رصاصة أخرى، المهم أن النتيجة واحدة في هذه الحالة، ثمة سيدة ماتت وخلّفت وراءها أحزاناً لعائلة وأحبّة.
من أطلق تلك الرصاصة القاتلة؟ سؤال ربما لن يجد جواباً حاسماً، كمعظم حالات الرصاص الطائش في لبنان. مسؤول أمني في منطقة الضاحية أكّد لـ«الأخبار» أن تحقيقاً فُتح في حادثة مقتل سعاد أول من أمس، وأن القضية أحيلت على «التحري»، فتبيّن أن أحد المحتفلين في العرس كان يطلق النار من مسدس حربي في الهواء ابتهاجاً، فأصاب سعاد عن طريق الخطأ، كما أصاب كابل الكهرباء الرئيسي في المنطقة ما أدّى إلى انقطاع التيار الكهربائي. وبحسب المسؤول نفسه، فإن المعلومات الأولية تشير إلى أن شخصين كانا يطلقان النار في العرس، أحدهما يملك محلاً تجارياً أسفل المبنى الذي تقطنه عائلة القتيلة، وهو الآن متوارٍ عن الأنظار. وثمّة سؤال، لماذا لا تلاحَق جميع الحالات التي تشهد هذا النوع من إطلاق النار؟ يجيب المسؤول الأمني إن حادثة أول من أمس مشخّصة، إذ يمكن حصر الذين أطلقوا النار فيها، لكن في حالات أخرى غالباً لا يمكن التحديد، وخاصةً عندما تُطلَق النار في منطقة معينة ثم يسقط الرصاص في منطقة أخرى. يوضح المسؤول، الذي خبر على مدى سنوات حالات مشابهة لحادثة أول من أمس، أن ظاهرة إطلاق النار في الأفراح والأتراح باتت «ثقافة بشعة ومتخلفة لدى بعض الناس، علماً بأنّ في الضاحية الجنوبية تحديداً تذمّراً وامتعاضاً يبديهما كثيرون من هذه الظاهرة، ...